الفتنة الطائفية تنهش فى جسد الوطن
الدقهلية - محمد صالح وشرف الديب
واصلت نيابة ميت غمر بمحافظة الدقهلية برئاسة أمير ناصف رئيس النيابة، وتحت إشراف المستشار أحمد عبد الغنى الشويخ، تحقيقاتها حول أحداث العنف الطائفى التى وقعت بقرية كفر البربرى التابعة لقرية ميت القرشى، بعد مقتل محمد رمضان عزت " 19 سنة طالب بالمعهد الأزهرى" بتفهنا الأشراف.
وقررت النيابة حبس إيميل يوسف جرجس وأبنائه جون وجان وزوجته تيسير، ووجهت لهم النيابة تهمة القتل العمد، كما وجهت النيابة اتهاما بالشغب لعدد 35 شابا من القرية بعد الأحداث الدامية التى شهدتها القرية بعد دفن جثمان المجنى عليه.
وتجمع أهالى مسلمى القرية بالكامل من الرجال والنساء فى انتظار جثمان المجنى عليه، ووصل إلى القرية فى حراسة مشددة الساعة 12.30 من صباح الأربعاء، فصاح أهالى القرية بالتكبير، ودخلوا المسجد وصلوا عليه، بينما عويل النساء وصراخهن بالثأر لم ينته وشيعوه فى جنازة شاركت فيها المئات من أبناء القرية، ورجع أهالى القرية من المقابر فى مظاهرة ضخمة، وهم يكبرون ويقولون "الله أكبر وحسبنا الله ونعم الوكيل"، وتوجهوا إلى منازل المسيحيين بالقرية فقذفوها بالطوب والحجارة، ودمروا أسوار المنازل الخارجية وأشعلوا النيران فى منزل إيميل يوسف جرجس، والذى يتكون من ثلاثة طوابق، ومنزل ابنه جون إيميل، والذى يتكون من طابقين، ولم تتمكن عربات الإطفاء من الوصول للمنزل إلا بعد ساعة من إشعال النيران نتيجة لأحداث الشغب فى الشوارع، والتى انتقلت من شارع لشارع، ومن بيت لبيت، وتم إلقاء القبض خلالها على العشرات من شباب القرية، وبدأ الأمن يتعامل مع الشباب بعنف شديد.
وقام عدد من شباب القرية بقطع طريق الزقازيق - المنصورة, وأجبروا إحدى سيارات الترحيلات على إنزال شباب تم إلقاء القبض عليهم، وظلت الأوضاع متوترة حتى الساعة الثالثة فجرا، إلى أن طلب اللواء سمير عيسى مدير الأمن العام طلب تعزيزات لقوات الأمن فوصلت إلى القرية 21 سيارة أمن مركزى ثلاث مدرعات وسيارات إطفاء وإسعاف، وتمكنت قوات الأمن من السيطرة على الأوضاع، وفرضت حظر التجوال فى القرية وأغلقت المداخل والمخارج، بينما فر جميع مسيحيى القرية منها، ووصل عددهم إلى ألف مسيحى.
يذكر أنه ما تم حصره من الإصابات بلغ 25 إصابة بين المواطنين وجنود الشرطة، من بينهم ضابطان كبيران. وكان الحزن قد خيم على قرية كفر البربرى بعد مقتل محمد رمضان عزت على يد الأسرة المسيحية بالقرية، وهو ما أشعل نيران الفتنة الطائفية فى القرية، بالرغم من حالة التعايش التام التى يعيشها مسلمو ومسيحيو القرية منذ سنوات، ويتم التعامل الودى بينهم بشكل طبيعى ويومى.
ويقول مصطفى محمود أحد السكان، وقع الحادث يوم الاثنين الماضى أثناء صلاة العشاء، بعد أن قام الضحية برد زجاجة "حاجة ساقعة" للبائع المسيحى، وطلب منه رد الرهن، إلا أنه رفض رد الرهن له، فقام الضحية بكسر الزجاجة على أساس أنها ملكه، بعد رفض رد الرهن، فقام المسيحى وأسرته بضرب الضحية حتى غرق فى دمائه، وأثناء خروج المسلمين من صلاة العشاء اندفعوا جميعهم للشارع لإنقاذ الضحية، الذى كان لا تزال فيه الروح، وتم نقله للمستشفى وصعدت الأسرة المسيحية أمام أعيينا، ولم يكن بهم أى إصابات، لأن الضحية كان بمفرده، وكان الأمر فى البداية بسيطاً، وبعض الشباب قاموا بكسر بعض صناديق الزجاجات الفارغة.
ويضيف محمود، بعض وقت قصير وجدنا الأسرة المسيحية تنزل من منزلها، والدماء تنزف منهم، وعلمنا أنهم حرروا محضراً ضد الضحية، ادعوا فيه أنه اعتدى عليهم وسرقهم، وهذا لم يحدث.
ويضيف محمد إسماعيل، صديق الضحية، أشيع فى القرية خبر قتل محمد، وهذا كان كافياً لأن يحرك مشاعر المسلمين جميعاً بالقرية، وهذا القول يكفى لأن نموت نحن فداءً له، فمحمد رمضان كان شاباً أزهرياً مستقيماً، لم نعرفه إلا بالأخلاق الممتازة التى كان يشتهر بها بيننا، ولم نراه يوماً يعامل أحداً بطريقة سيئة، كما أنه ميسور الحال، فوالده يعمل موظفاً فى البترول وحالتهم المادية معقولة. وبعد أن أدلى محمد إسماعيل بحديث لليوم السابع سقط مغشياً عليه، وتم نقله لأحد المنازل لإفاقته.
وهجر مسيحيو القرية منازلهم وأصبحت الآن خالية من أى مسيحى، فيما تقوم وزارة الداخلية بحراسة مشددة لمنازل المسيحيين، وفرضت حظر التجول، وقام اللواء حمدى الجزار مساعد وزير الداخلية لقطاع شرق الدلتا، يرافقه اللواء محمد طلبة مدير أمن الدقهلية، بتفقد الأماكن المتضررة نتيجة إلقاء الحجارة وإشعال النيران فيها بواسطة شباب المسلمين.