حوار سويسرا حول المأذن والمسلمين

حوار سويسرا حول المآذن والمسلمين

أمير سنجك
14/ 06/ 2009

ليس الحوار حول انخراط الجالية المسلمة في المجتمع السويسري جديداً، ولطالما كان موضوع توتر سياسي كبير. ولا تختلف آخر الخلافات عن ذلك، حيث أدى إلى إذكاء حوار ساخن حول ما إذا كان بناء المآذن في سويسرا أمراً يجب منعه.

بدأ هذا الجدل للمرة الأولى الاتحاد الديمقراطي للوسط (والذي يُعرف كذلك بحزب الشعب السويسري) وهو حزب سياسي سويسري رئيسي ورائد في التوجه السويسري المحافظ. قام الاتحاد بسويسرا بجمع مائة ألف توقيع يحتاجها لإجراء استفتاء عام، خُطط لإجرائه في خريف عام 2009. من المفيد ملاحظة أنه لا يوجد في سويسرا سوى عشرة مآذن في كافة أرجاء الدولة، رغم أن الإسلام ه و ثاني أكبر دين بعد المسيحية.
ويقوم الاتحاد الديمقراطي بحشد الرأي العام بنشاط ضد ما يسميه "أسلمة" سويسرا، مدعياً أن نسبة المسلمين (5%) قد نمت بسرعة كبيرة منذ ثمانينات القرن الماضي.
إلا أن السكان أخذوا يرفعون أصواتهم ضد وجهة النظر هذه.
طرح العديد من الخبراء والزعماء السياسيين تساؤلات حول شرعية مبادرة الاستفتاء وتطابقها مع الدستور السويسري والإعلان الأوروبي لحقوق الإنسان. حسب هاتين الوثيقتين، تع تبر إضافة مادة في الدستور تمنع بناء المآذن الجديدة أمراً مساوياً للتعدي على حقوق أساسية أخرى يضمنها الدستور الفيدرالي نفسه، مثل المساواة أمام القانون (المادة الثام 6;ة) وحرية العبادة والضمير (المادة 15) وضمان حرية ملكية الممتلكات (المادة 26) ومبدأ التناسب (المادة 4) والالتزام بالقانون الدولي (المادة 5) ومنع التمييز (لمادة mad

.
أما على المستوى الأوروبي فيشير مناهضو الاستفتاء إلى المادة 9 من إعلان حقوق الإنسان الأوروبي، الذي يضمن حماية حرية الفكر والضمير والدين.
إلا أن كلاً من الحكومة السويسرية والبرلمان وافقا على السماح للسويسريين أن يصوّتوا حول القضية وأن يعبّروا عن آرائهم في الساحة الديمقراطية.
لذا يجب على المجتمع المدني والإعلام السويسريين أن يبدآ خلال الشهور القليلة القادمة حواراً صادقاً تشاورياً حول النتائج المحتملة لهذا الاستفتاء، مستخدمين التلفزيو&# 1606; كأكثر الأساليب نجاعة في الوصول إلى الأُسر السويسرية.
من الأهمية بمكان، على سبيل المثال الشرح بأن المئذنة تشكّل جزءاً من الأسلوب المعماري للمسجد، تماماً كما يشكل برج الأجراس جزءاً لا يتجزأ من معظم الكنائس، وبأن المئذنة 604;يست تمثيلاً رمزياً للقانون الإسلامي (الذي يفسره البعض أنه غير ديمقراطي).
إضافة إلى ذلك، يستطيع الإعلام السويسري دعوة إمام الجالية البوسنية المسلمة في جنيف وممثلين عن الجالية التركية المسلمة وممثلين عن الجالية الألبانية المسلمة والطلاب السويسريين للمشاركة في حوار عام. يمكن من خلال التلفزيون والإذاعة والصحف، ووقعها المباشر على الرأي العام نشر معلومات صحيحة عن الإسلام وممارسته في سويسرا.
هناك البعض من الذين قد يصورون مسلمي سويسرا، خلال حوار كهذا، على أنهم لا يحترمون القانون السويسري ولا يستحقون الثقة وأنهم غير وطنيين. إلا أن الواقع مختلف إذا أخذنا بالا عتبار المستوى الواسع من تكامل المسلمين في المجتمع السويسري.
يمثل هذا الاستفتاء، في نهاية المطاف فرصة للإظهار للعالم بأن السويسريين يحترمون الأديان ومواطنيهم. يجب إشراك مجالات متنوعة من الأصوات في الحوار، حتى يتسنى إقناع المواطنين أن دعم فكرة منع المآذن يحمل احتمالات الإضرار بالوحدة الوطنية.
استثمرت سويسرا خلال العقد الأخير الكثير في مجال التماسك الاجتماعي، وخاصة بإيقاف توسع الأحياء الفقيرة التي تخلق عوائق اجتماعية اقتصادية، ومن خلال دعم تكامل المهاجر ين الجدد، وخاصة المسلمين منهم.
سوف يشكل رفضاً كاسحاً "لمبادرة المآذن" تشجيعاً لكافة المسلمين في سويسرا، وسوف تعزز معاملة المسلمين السويسريين كمقيمين محترمين يكنّون الولاء للدولة والانفتاح والثق ة المتبادلة في الدولة.
من الحاسم الاستمرار في تشجيع مجتمع متسامح متعدد الثقافات والطوائف يمكن أن يشكّل أساس مستقبلنا المشترك. سوف يؤدي ذلك لأن يخرج المجتمع السويسري كله فائزاً.